الحديث عن فترة التبشير والتأسيس والانتشار ونشأة البعث داخل الساحة اليمنية سيرتبط بالأهداف النضالية التي يناضل من أجل تحقيقها حزبنا ليس في قطر اليمن فحسب، وإنما في الوطن الكبير وساحة الأمة العربية كلها. وإذا كان القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق، قد ركز في مرحلة التبشير على الفكر القومي في تعامله مع قضايا القطر الذي انطلق في تبشيره منه في النصف الأول من الثلاثينات، كما أعطى بُعدا مهما للفكر من خلال التأكيد على رسالة الأمة في ساحات النضال الوطني والقومي، وذلك من خلال التوضيح لأسس ومرتكزات النظرية البعثية وسماتها، منطلقا من مفهوم رسالتها الخالدة والمقصود من التركيز عليها، قائلا: "فالقصد منها أن هذه الأمة لا تعترف بواقعها السيء وموقفها المنفعل ولا تتنازل عن مرتبتها الأصيلة بين الأمم، بل تصر على أنها لا تزال هي هي في جوهرها، تلك الأمة التي بلغت في أزمان متعددة مختلفة من التاريخ درجة تبليغ رسالتها، فهي أيضا بصلتها ببعضها وبماضيها لا تزال واحدة ولا تزال فيها الكفاءة لاسترجاع تلك المرتبة التي فقدتها مؤقتا. فهذه الأمة التي تستيقظ اليوم وتتحفز للنهوض ليست هي بنت اليوم، بل هي هي نفسها قبل ألف وقبل ألوف السنين، ميزتها وحدة الأصل والعنصر يوم كانت الوحدة هي الرابطة المكينة التي تجمع الأفراد وتطبعهم بطابع واحد وتخلق فيهم نواة واحدة، ثم صقلتها وغذتها وحدة اللغة والروح والتاريخ والثقافة، ولما فقد هذا العنصر مكانه الرئيسي بين العوامل المكونة للأمم فقدت الأمة شيئا من تجانسها الضيق غير أنها عوضت عنه بتنوع في المواهب والكفاءات وانطلاق في الفكر وتسامٍ في المعنى الإنساني. فهذه الأمة التي أفصحت عن نفسها وعن شعورها بالحياة إفصاحا متعددا متنوعا في تشريع حمورابي وشعر الجاهلية ودين محمد وثقافة عصر المأمون، فيها شعور واحد يهزها في مختلف الأزمان ولها هدف واحد بالرغم من فترات الانقطاع والانحراف".... ويواصل القائد المؤسس حديثه في الرد على الطروحات الماركسية المتقاطعة مع تاريخ الأمة ورسالتها وأيضا على الطروحات الغربية المعادية للحضارة العربية إذ يقول أن " فكرة الرسالة تقود حتما إلى تكوين نظرة إلى الماضي وعلاقته بالحاضر والمستقبل، فالاتجاه الشيوعي ينكر كل ماضي، بمعنى أنه لا يقر بصلاح أي ماضي، فهو يدعو إلى بناء جديد من أساسه عند مختلف الأمم، وهناك اتجاه آخر ينكر الماضي عامة في مظاهره فقط وفي الواقع ينكر الماضي العربي، وهذا الاتجاه هو الاتجاه المعجب بالغرب وحضارته، والذي يدعو إلى إهمال الماضي وتناسيه وأخذ الحضارة الغربية بكليتيها، فهو يعتقد أن فساد الحاضر في المجتمع العربي ليس نتيجة انحراف ومرض أصاب الأمة، بل هو نتيجة منطقية لبذور من الفساد كانت منذ البدء في حياة العرب، أو لإمكانيات من الخطأ والانحراف تضخمت ونمت مع الزمن حتى وصلت إلى هذا الحاضر،" ثم يستدرك قائلا: "وهناك اتجاه ثالث هو اتجاه البعث العربي الذي لا يتعصب لنظرية معينة ولا يقول بالأخذ المصطنع، بل يعتبر حياة الأمة كجسم حي كان صحيحا ثم اعتل، ويعتبر أن التقدم يعني معالجة المرض والعودة بالأمة إلى الوضع السوي السليم"... ويواصل القائد المؤسس "بأن الرسالة يجب أن تُفهم على أنها نزوع واستعداد أكثر من كونها أهدافا معينة محددة"... بل يذهب أبعد من ذلك مشددا على "إن الرسالة العربية اليوم هي في أن يتطلع العرب إلى بعث أمتهم، فهذا خير ما يقدمونه للإنسان لأن القيم الإنسانية لا يمكن أن تخصب وتثمر إلا في أمة سليمة".... ولمزيد من التوضيح والتأكيد يقول: "إن الرسالة العربية الخالدة هي في فهم هذا الحاضر وتلبية ندائه والاستجابة لضروراته. والخلود ليس شيئا بعيدا في الأفق أو خارج نطاق الزمن. إنه ينبعث من أعماق الحاضر، فإذا فهمه العرب بصدق و عاشوه بإخلاص فإنهم سيؤدون رسالتهم الخالدة"... ويختم توضيحاته وتأكيداته على أهمية وجوهر ومرتكزات النظرية البعثية ودورها إذ أكد "إنها تدخل هذه التجربة بإيمان، وتسعى للتغلب على كل المفاسد بنفسها وقواها الذاتية، دون مواربة أو خداع أو أنصاف حلول أو حلول سطحية"......مواصلا حديثه عن حركة البعث قائلا: "لا نعتبرها نهائية ولا كاملة، إذ أن حياتنا يجب أن تتجدد دوما وأن تنمو وتُعمق دوما...." مضيفا: "لا يجوز أن ننظر إلى الحزب إلا نظرة حية. فليس الأشخاص هم الذين يصبحون أصناما فحسب، فقد تصبح الحركة صنما وقد تصبح أفكارها أصناما، وهذا شر ما تُبتلى به حركة تريد أن تخلق وتُبدع"... ثم يشدد على معاني وأبعاد النضال بآفاقه الإستراتيجية منبها إلى "إن النضال الحقيقي لا يكون في يوم من الأيام هدما وسلبية وتنكبا عن العمل, بل هو خلق وبناء وعمل إيجابي مثمر"....ولا ينسى أن يوضح دور وموقف ومهام حركة البعث مشددا على "إن حركتنا قد وضعت يدها على أخطر المشاكل في حياة العرب وعينتها عندما حصرتها في هذه النواحي الثلاث: الحرية, الاشتراكية, الوحدة العربية. والشرط الثاني شرط عملي يتعلق بتنظيم الحركة, وكما إنها تقوم على تفكير عربي شامل فإن تنظيمها كذلك يجب أن يكون على نطاق عربي شامل, لذلك يقوم التنظيم في البعث العربي على ثلاث دعائم كما إن التفكير في البعث العربي يقوم على ثلاث دعائم أيضا هي الحرية, والاشتراكية, والوحدة العربية, فالتنظيم يقوم على أساس الجيل الجديد الذي يمثل الوعي وقوة النفس والإرادة والعقيدة, وعلى أكثرية العرب الذين لهم مصلحة حيوية في الانقلاب- (في الثورة)- كما يقوم على نطاق عربي شامل لا يتجزأ وبالتالي لا يتناحر وينفي بعضه بعضا".
هذه هي المرتكزات التي كانت تختلج في نفوس وعقول الرعيل الأول من أبناء اليمن الذي عاد إلى مسقط رأسهم بعد أن شارك البعض منهم في المؤتمر التأسيسي (القومي الأول عام 1947م)عاد وكله حماس وحيوية للتبشير وتأسيس فرع للبعث العربي في قطر اليمن منطلقا من مدينة سيئون التي رأت أولى الخلايا الحزبية فيها النور عام 1948م.
وهنا نستحضر حقيقة موضوعية ترتبط بالذين عادوا بعد أن أنهوا دراستهم في دمشق أو بغداد أو الخرطوم أو غيرها من المدن العربية، عادوا إلى "الجنوب العربي"، حقيقة تتعلق بتسمية ما أطلق عليه "الجنوب العربي" كما سمعنا تفسيرها وتأويلها من بعض العائدين مثل المرحوم شيخان عبد الله الحبشي، الأمين العام لرابطة أبناء "الجنوب العربي"، أو من المرحوم علي عقيل بن يحيى الذي كان من الرعيل الأول المثابر والمتحمس لتأسيس فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في "الجنوب العربي" (اليمن)، وكلمة أخرى نقولها هنا لتصحيح بعض الطروحات حول مفهوم "الجنوب العربي" سمعها الرفيق الدكتور قاسم سلاّم من المناضل الكبير المرحوم محمد علي الجفري رئيس رابطة أبناء الجنوب العربي، أثناء حوار مفتوح في بغداد بينهما في النصف الأول من الثمانينات، أثناء وبعد قيام التجمع القومي للقوى الوطنية في الجنوب اليمني، وذلك الحديث، كان أثناء تواجد المناضل الكبير محمد علي الجفري قبل انتقاله إلى جوار ربه، وقبل ذلك سمعناها من الأستاذ شيخان الحبشي الأمين العام للرابطة، إذ أكد المناضلان الكبيران اللذان انتقلا إلى جوار ربهما أن كلمة "الجنوب العربي" لم تكن تعني الشطر الجنوبي من اليمن وإنما تأتي انسيابا مع تسمية مشرق الوطن العربي ومغربه شماله وجنوبه، وأضاف المرحوم الجفري رحمة الله عليه أنه كان مع إخوانه وزملائه وأقرانه من أحرار اليمن وكان أكثر المتحمسين ل"الجمعية اليمنية الكبرى"، بل كان يعتبر أنه وزملائه ورفاقه وإخوانه في الرابطة من المساهمين الأساسيين والفعليين في تأسيس الجمعية، ويضيف أنه فوجئ عندما قامت ثورة 1948م ولم يشرك الأحرار زملائهم وإخوانهم في الشطر الجنوبي لا في التخطيط ولا في التنفيذ ولا في النتائج، مما ولّد لديهم انقباض وألم ومرارة، وكان يتمنى أن تكون العملية متكاملة بتفاعل الجميع، لذا يحلل الأوضاع قائلا أنه بعد فشل ثورة 1948م لم تتم عملية ترميم العلاقة بين مناضلي الشطر الجنوبي وأحرار الشطر الشمالي من الوطن، فاتجه كل فريق في مساره مع تأكيده أنه لم يكن لدى الرابطة أي توجه انفصالي وظلت تناضل من أجل جنوب عربي بأفق إستراتيجي مرتبط بوطن عربي واحد، هكذا فسَّر الراحلان مفهومهما "للجنوب العربي" وقد أكد الأستاذ المرحوم محمد أحمد نعمان في مذكراته على كل ما طرحه المرحوم محمد علي الجفري عن العلاقة بين الرابطة وحركة الأحرار، مما يعزز ما ذكره الراحل محمد الجفري رحمة الله عليه، أما الأستاذ المرحوم شيخان الحبشي فقد كرر أكثر من مرة أنه كان يتعامل مع التسمية من منطلق قناعته البعثية بأن "الجنوب العربي" يشمل جنوب الجزيرة كلها كجزء من وطن عربي واحد يمتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي، واستدرك في إحدى الحوارات قائلا: "بغض النظر عن خلافه مع قيادة الحزب القومية بعد خلافها مع الراحل عبد الناصر و حدوث انفصال سوريا عن مصر وانضمامه إلى حركة عبد الله الريماوي الذي انبثق عنها قيادة سموها آنذاك القيادة القومية الثورية العليا لحزب البعث العربي الاشتراكي، كان الأستاذ شيخان أحد أعضاءها البارزين مع احتفاظه بمنصبه كأمين عام لرابطة أبناء الجنوب العربي"، وهذا الطرح لم يكن بعيدا عن الموضوعية في تلك المرحلة وتلك الظروف التي أحاطت بخلاف البعثيين مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذي احتضن تلك القيادة ودعم عبد الله الريماوي دعما كبيرا في سياق خلافه مع قيادة الحزب القومية قبل وبعد الانفصال. ولقد كان الأخ الدكتور أحمد قائد الصائدي دقيقا حين أشار في مقدمته لكتاب الأخ العزيز الرفيق عبد الوكيل السروري "عن حزب الطليعة الشعبية" حين قال: "ولئن كنا اليوم، وقد تقدم بنا العمر وعركتنا الحياة، فتشربنا عبرها واستوعبنا دروسها، ننظر إلى الماضي بعين أكثر بصيرة وبعقل أكثر روية وفهما، ونزعم أننا نستطيع أن نتناول أحداثه، حتى تلك التي كنا قريبين منها كل القرب، بموضوعية أكثر، مما كانت الطبيعة البشرية تسمح به في الماضي، فإن قول الحقيقة، كل الحقيقة، يبقى أمرا خارجا عن قدرة البشر. ليس لأننا لا نطيق قولها أو نخشى الإفصاح عنها، بل لأن الحقيقة تبقى في كل زمان ومكان مطلبا بشريا لا يمكن بلوغه، وإن ادعى الأدعياء بأنهم قادرون على ذلك. فرواية حدث تاريخي ما، يحمل دائما بصمات راويه وحالته الذهنية والنفسية ومستواه الفكري ومدى قدرته على استيعاب الحدث ومدى قربه أو بعده عن وقائع ما يرويه....." ويضيف " ولقد يكابر البعض، فيصر على أنه يمتلك الحقيقة وحده، وإن تصوره لوقائع الماضي هو وحده الصواب، وما دون ذلك ليس إلا من قبيل الباطل. ومثل هذا الموقف، المفروض على أحداث الماضي، إنما هو موقف قسري مجافٍ لمنطق الأشياء ومُصادر لحق الآخرين ومناقض للعقل ومشوه للحقيقة".
من هذه الزاوية ينبغي أن نتناول أحداث الماضي وأن نتعامل مع شخوص تلك الأحداث، سواء كانوا بمواقع قيادية كبيرة أو في مواقع وسطية أو قاعدية، فالتاريخ يبقى تاريخ وتدوين المعلومات ينبغي أن يتم تدوينا أمينا كما حدثت في ظرفها وزمانها ومكانها وكما سمعناها أو قرأناها بتجرد كامل وحيادية مطلقة، من هذه الزاوية أيضا نفهم علاقة رابطة أبناء الجنوب بالكثيرين من قادة و مناضليّ أبناء الشطر الجنوبي من الوطن الذين كانوا من الرعيل الأول في حزب البعث أو من الرعيل الأول في حركة القوميين العرب وعلى رأسهم قحطان الشعبي وفيصل عبد اللطيف الشعبي وآل السلّامي وآل السقاف وغيرهم من المناضلين الذين اجتهدوا وخاضوا صفحة مواجهة الاستعمار ومفرداته في الشطر الجنوبي، وفي إطار هذا الفهم نفهم دور الجميع كلٍ في محيطه.
وعودُ على بدء سنذكر هنا للتاريخ أن البعث عرف ساحة حضرموت قبل غيرها من أجزاء الساحة اليمنية، فالرفيق المرحوم علي عقيل بن يحيى والشهيد موسى الكاظم بن يحيى وشيخان عبدالله الحبشي وصالح عبدالله الحبشي وأبوبكر عبدالله الحبشي وحسين عبد الله الحبشي وعوض عيسى بامطرف - الذي كان له دور بارزٌ في قيادة منظمة الحزب في المكلا في مرحلة الستينات- وسالم عوض باوزير وحسين بارباع والدكتور محمد عمر الكاف والدكتور فرج سعيد بن غانم الذين كان لهم دور أساسي في انتفاضة المدرسة الوسطى بغيل باوزير عام 1958م, والمناضل الشهيد علي الغرابي - الذي واجه برجولة ومبدئية عبث الجبهة القومية عند استلام السلطة وتصدى لتصرفاتها القمعية التي تجاوزت كل حدود المنطق الأخلاقي وتحولت إلى عصابة للقتل والانتقام من معارضيها وأسرهم وأطفالهم وكأن ما كانت تقوم به يشفي غليل بعض الجهلة الذين تربعوا المواقع الأمامية فيها- كما يجدر الحديث هنا عن دور الرفيق أحمد هيثم الذي كان هو الآخر في الجبهة التي يقودها علي الغرابي فشكلا ثنائي متكامل في المواجهة والتصدي، ولا ننسى دور الرفاق عمر باسباع - في مدينة الشحر- والدكتور عبد الله صالح بابقي والأستاذ المرحوم سعيد محمد دحي رحمة الله عليه، ودورهم في أوساط الطلبة والمعلمين، وإذ ننسى لن ننسى دور الرفاق عبد الله عبدالرحمن بكير والدكتور عبدالله الكانده في العمل الحزبي المنظم والواسع بين المعلمين والمثقفين والطلبة، ولا ننسى أيضا الرفاق الذين كان لهم دورٌ بارز في الحركة الطلابية اليمنية مثل زين باحميد ويوسف بن عقيل ومصطفى عبود وغيرهم من المناضلين البعثيين المتميزين، كما لا ننسى دور بيت بن ثابت (نهد) وبيت ابن عجاج (نهد) اللذان كان لهما دور نشط بين البعثيين في مدينة الأعظمية بغداد، ولا ننسى أيضا دور الرعيل الأول والثاني من البعثيين في أوساط المعلمين والطلبة في سيئون وتريم والمكلا و في تأسيس وقيادة النادي الثقافي في المكلا إلى جانب الدور النشط والفاعل في العمل الوطني والقومي والدفع بالمجاميع الكبيرة من البعثيين وأصدقائهم وأنصارهم في الانخراط في جبهة التحرير التي كان لها دور تاريخي كبير في مقارعة ومواجهة القوات البريطانية في المحافظات الجنوبية. وللتاريخ فقط ودون الخوض في التحليل فقد كان موقف منظمة الحزب في حضرموت من حركة الثالث والعشرين من شباط في سوريا موقفا حزبيا مبدئيا رصينا، بالرغم من احترام البعثيين للأستاذ الرفيق المرحوم علي عقيل بن يحيى، الذي كان عضوا في (القيادة القومية) بعد حركة شباط، إلا أنهم تعاملوا معه في زيارته لحضرموت بعد حدوث حركة الردة في سوريا تعاملا موضوعيا، أدانوا الحدث منطلقين من حرصهم على مبادئ الحزب وقيمه ومثله وضوابط النظام الداخلي ودستور الحزب. أما موقف منظمة الحزب في حضرموت تجاه الجبهة القومية وموقفها الحاقد على الحزب والمعادي لأهدافه ومبادئه كان موقفا تاريخيا متميزا صلبا واضحا لم يخيفه عنجهية وغرور وبطش الجبهة القومية التي انصب على حزب البعث العربي الاشتراكي ليس فقط بحضرموت بشكل خاص بل في معظم المحافظات، وإن بدا التركيز على حضرموت أنه كان مقصودا وواضح المخطط، إذ استهدف اجتثاث الحزب واجتثاث بصمات الرعيل الأول من المناضلين البعثيين الذين كانوا الشمعة التي أضاءت طريق البعث ليس في محافظة حضرموت الوادي والساحل وإنما في عدن التي استمدت الإشعاع الأول من سيئون، وظلت منظمة الحزب في حضرموت على موقفها المبدئي من ردة شباط وفي مواجهة الجبهة القومية فلم تهن ولم تستسلم، وبعد قيام ثورة 17-30 من تموز في قطر العراق استعادت المنظمة نشاطها وتواصلت مع القيادة القومية للحزب قبل غيرها من تشكيلات الحزب في المحافظات الجنوبية.
هذا قطرة من غيث والحديث عن دور المناضلين البعثيين في وادي وساحل حضرموت طويل وسنترك لكل رفيق أن يدلي بدلوه لتكملة ما نقص وتوضيح ما غاب عنا توضيحه سواء ما يتعلق بمرحلة التبشير والتأسيس أو ما يتعلق بدور المنظمة في الكفاح المسلح ودورها في التصدي لعنجهية وغرور الجبهة القومية أثناء صدام الجبهتين القومية والتحرير بعد الاستقلال ومخلفات ذلك الصدام.
إننا ونحن نسجل هذه اللمحات الموجزة حرصنا كل الحرص أن نلتزم قدر الإمكان برصد الأحداث وتسجيل الحقائق كما عاصرناها أوكما رصدها المناضلون البعثيون داخل الساحة أو كما سمعناها ايضا عبر الروايات المتعددة أو النقل، حرصا منا على توخي الموضوعية، بغض النظر عن قناعتنا الخاصة. غير أننا لن نتجاهل أية مغالطات سوِّقت من خلال الكتابات التي تناولت الحركة الوطنية أو تحليل دور الحركة القومية بقطر اليمن، وكما سبق أن قلنا في الحلقة السادسة، سواء كان ذلك من قبل بعض مراكز الدراسات أو من قبل أفراد لم تكن لهم علاقة بحزب البعث أو من أشخاص حُسبوا في فترة من الفترات بأنهم صُنفوا ضمن إطار المسيرة البعثية أو على هامشها، أو من أولئك الذين كُلفوا للإساءة المأجورة لتشويه مسيرة البعث والإساءة للبعثيين بمختلف درجاتهم، وذلك من خلال سرد المغالطات والكذب بل ومحاولة الاحتيال الواضح خدمة لأعداء الحزب ليس في قطر اليمن وإنما في كافة أقطار الأمة، خاصة إذا ما عرفنا أن حزب البعث اليوم أصبح مستهدفا أكثر من غيره من الأحزاب والحركات السياسية في الوطن العربي، نعم مستهدفا من قبل القوى الحاقدة على البعث والأمة العربية من قبل القوى الإمبريالية والصهيونية والفارسية والرجعية التي ترى في البعث وأهدافه ممثلا لمصلحة الغالبية العظمى من أبناء الأمة في الوطن الكبير وخطرا على مصالح قوى الاستغلال والتعسف والاحتلال.
المراجع:
في سبيل البعث- الجزء الأول -الكتابات السياسية- ميشيل عفلق.
البعث والوطن العربي- الدكتور قاسم سلام.
نضال البعث - الجزء الأول.
نضال البعث - الجزء الثاني.
حزب البعث الطليعة الشعبية بين البعث والاشتراكي- الأستاذ الرفيق عبد الوكيل السروري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق