قال سبحانه و تعالى
((ترى كثيراً منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدًمت لهم أنفسُهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون * ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أُنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكنً كثيراً منهم فاسقون))
صدق الله العظيم

الأربعاء، 15 أغسطس 2012

نضال البث في اليمن: لمحات موجزة من تاريخ البعث (الحلقه الاولى)

لمحات موجزة من تاريخ البعث
 
الإحياء نت
الدكتور قاسم سلام 
الحلقة الأولى

لقد كان البعث أول من أكد على أن الوجود الاستعماري في الوطن العربي لا يعتمد في تنفيذ أهدافه وحماية وجوده على قواه الذاتية وحدها بل (إن له حلفاء من الطائفية والإقطاع والعشائرية والعنصرية والرأسمالية المرتبطة به.. وأنه والرجعية والتخلف والقبلية المتعصبة والإقطاعية والبرجوازية الرأسمالية الناشئة شكلت كلها ومنذ البدء (في وحدتها المعقدة والمتناقضة في حد ذاتها) مجال القوى التي وجه البعث ضدها نضاله وركز رؤيته العامة عن تطور الكفاح والجهاد الشعبي المنظم وبعبارة موجزة ركز المرحوم أحمد ميشيل عفلق على ذلك: (أما أن نأتي بشيء مبدع خطير يقلب حياة العرب من الذل إلى المجد ومن الانحطاط إلى الرقي، وإما أن تفشل محاولاتنا فشلاً تاماً. لن نعرف الحل الوسط، وقديماً قلنا في أكثر من مناسبة على التطور يعني التأخر وأننا لا نستطيع أن نعتنق النظرة النسبية وأن نقول أن هذا الحزب رغم كل أخطائه ونواقصه هو خير من كل الأحزاب الأخرى.. إننا نشعر بأن مجتمعنا العربي بحاجة إلى أن يغالب نفسه وأن يناضل نفسه، بحاجة إلى بذل جهد ومشقة كبيرة، حتى يسترد ذاته الحقيقية، حتى يصل بالجهد والمشقة إلى أصالته، حتى يتحرر من الزيف الذي أصابه ولا يكون التحرر سهلاً ولا بدون ثمن.. إن الآفات التي يشكو منها مجتمعنا ليست بالآفات السهلة، فالفكر مقيد مستعبد فقير هزيل مقلد، والشخصية سطحية ضعيفة الثقة بنفسها لا تقوى على الاستقلال ومجابهة الأمور بصراحة والروح فقيرة وناضبة، آفاقها محدودة وجوها هابط منخفض).
(البعث والوطن العربي ص99)
هكذا شخص القائد المؤسس ملامح الرحلة كلها وبداية النشأة مدشناً بذلك مسيرة النضال الفكري العقائدي الثوري للبعث، موجهاً أفكاره الجديدة إلى الجيل الجديد وإلي المثقفين الثوريين من أبناء الأمة بإيجاز شديد قائلاً في عام 1935م: (إن صفحة الضعفاء والنفعيين والجبناء يجب أن تطوى، وتحل محلها صفحة جديدة يخطها الذين يجابهون المعضلات العامة، ببرودة العقل ولهيب الإيمان، ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعاً).
في سبيل البعث ص76).
وهكذا نستطيع القول أن فترة التبشير بمبادئ وأفكار وأهداف وشعار البعث قد امتدت منذ 1935م حتى عام 1943م ثم بدأت تتداخل خطوطها مع مرحلة التبشير التنظيمي والتي تعتبر مرحلة التأسيس التي اتسعت ساحتها في أوساط الطلبة والمعلمين والمثقفين الثوريين بشكل عام.
وشهدت سنة 1945م لقاء المرحوم أحمد ميشيل عفلق القائد المؤسس والمرحوم صلاح الدين البيطار ومدحت البيطار لإخراج الحركة إلى حيز العمل المنظم فصدرت في السنة الثانية جريدة الحزب الأولى (البعث) علماً أنه في بداية 1941م كان البعثيون قد أصدروا بياناً سياسياً باسم (حركة الإحياء العربي) مما أكد أن الفعالية الفكرية والسياسية كانت مواكبة بعضها لبعض فشكلت مسيرة متكاملة حتى السابع من نيسان عام 1947م وهو تاريخ أول مؤتمر تأسيس عقده حزب البعث العربي على طريق إنشاء وتكوين حركة سياسية شعبية عقائدية ثورية تعبر عن منهج ثوري قومي بأداة تنظيمية قومية واحدة تعبر عن حاجات حركة التحرير الحقيقية. ومن هذا المؤتمر انطلقت ملامح المسيرة التنظيمية وتحركت طلائع البعث داخل مختلف الساحات مبشرة بعهد جديد حاملة رسالة نضالية في الأمة، مؤكدة على (عهد البطولة) والتضحية والفداء. من هذه البداية خرج إلى حيز الواقع مختلف التشكيلات الحزبية وأنشأت منظمات الحزب في لبنان وفلسطين والأردن والعراق واليمن وغيرها من أقطار الأمة.
وسنتواصل مع مرحلة التأسيس في إطارها الموضوعي بعيداً عن المماحكات متجنبين مناقشة تلك الطروحات والهرطقة التي كثرت داخل الساحة اليمنية بعد قيام الوحدة مستهدفة الإساءة للبعث البعثيين وتشويه نضال الحزب وطنياً وقومياً.
انطلاقا من إدراكنا لأهمية التداخل الاستراتيجي بين المرحلتين التبشيرية والتأسيسية فإننا سنواصل الحديث عن مرحلة التأسيس في إطارها الموضوعي بعيداً عن المماحكات ، متجنبين مناقشة طروحات وهرطقات بعض الذين تطاولوا على تاريخ الحزب ونضاله الوطني والقومي بقصد أو بدون قصد ، المهم أنهم في كلا الحالتين قد أساءوا للبعث وللبعثيين وشوهوا الحقائق في محاولة لتشويه نضال الحزب وطنياً وقومياً، بأساليب خبيثة, تتفاعل وتتجاوب عمليا مع مخططات الإستراتيجية الصهيو أمريكية وخطط الفرس وعملائهم الذين يعملون جادين وباصرارموتور لاجتثاث البعث والسعي الحاقد لإعاقة مسيرة الثورة العربية.
وهذا الأمر ليس جديداً على المتتبع الحصيف ، فقد سبق هؤلاء متبرعون كثر أشار إليهم الأستاذ الجليل شبلي العيسمي الأمين العام المساعد الأسبق لحزبنا في كتابه (حزب البعث العربي الاشتراكي) مرحلة الأربعينات التأسيسية الجزء الأول قائلاً:(لقد كثر عدد الذين راحوا يكتبون عن حزب البعث ، ويعرضون تاريخه للرأي العام . وجلهم إن لم نقل كلهم ، لم يفوا الموضوع حقه فضلاً عن أن بعضهم من غير الغرب ، وممن زعموا بأن غرضهم البحث العلمي وتدوين الحقيقة ، انزلقوا مع أحكام وتقييمات ، ليست خاطئة حسب ، بل تفوح منها رائحة الهوى والتشويه . كما أن الذين كتبوا عنه من العرب، ومعظمهم من الذين كانوا في يوم من الأيام، من أعضائه فصلوا وتخلوا عنه، او أنه تخلى هو عنهم ، قد عرضوا من تاريخه ما يبرر وجهة نظرهم ، التي غالباً ما يسقطون فيها أخطاءهم على الحزب ، او يهدفون من إبرازهم لأخطائه ، استرضاء فئات وقوى سياسية معينة ، يطيب لها مقاومة الحزب والإساءة إليه ).
إن هذا المقتطف يؤكد أن حالة التشويه التي يتعرض لها حزبنا اليوم داخل الساحة اليمنية لا تخرج عن أهداف أولئك الذين سبقوا المتطفلين الجدد ، بل تتكامل معها في المقدمة والنتائج ، ولا يهمنا ما قد يتذرع به مثل هؤلاء من الذرائع ، إذ أن الموضوعية تقضي بتقصي الحقائق بعيداً عن الهوى ، وخارج إطار التقييمات السياسية العشوائية الرامية إلى خلط الأوراق وصولاً إلى عملية التشويه والإساءة ، فقد تناسى هؤلاء جميعاً أن نضال الحزب وتاريخه بقدر ما هو مرتبط بنضال البعثيين وتاريخهم ، فانه أيضاً مرتبطاً بنضال جماهير الأمة المؤمنة بوحدة الأمة وحريتها واشتراكيتها ، وإذا كان هناك ثمة بعض الأخطاء والعثرات قد وقع فيها حزبنا في مسيرته الطويلة والمليئة بالإحداث والتحولات والانجازات فأنها لا تخل بنضاله وتاريخه ، ولا يمكن أن تقلل من أهمية أهدافه ا ومبادئه وشعاره وعظمة تلك الأهداف والمبادئ ، ولا يمكن أيضاً أن تضعف من خبرة البعثيين النضالية . ومهما حاول (المؤرخون) والأدعياء الجدد والمتطفلون الصغار أن يسيئوا إلى الحزب ، فإنهم لن يثنوا البعثيين عن مواصلة النضال على درب أهداف ومبادئ حزبهم العظيم . ومهما حاولت أمريكا والصهاينة والقوى الرجعية الحاقدة على الحزب تبني مثل هؤلاء الأقزام ، فإن البعث سيظل قوياً شامخاً ، وسيزداد قوة ورسوخاً في مواصلة طريقه ، طريق الوحدة والحرية والاشتراكية ، ومقارعة الوجود الأجنبي في الوطن العربي ، ومنازلة الكيان الصهيوني حتى تتحرر فلسطين من البحر إلى النهر.
هذه هي منطلقات البعث العامة، ومهما حاول هؤلاء وأولئك النيل منه بالكذب أو التطفل على تاريخه أو التباهي باختراق مسيرته هنا أوهناك فان ذالك لن يزيد البعث إلا إيمانا بعظمة مبادئه التي أقلقت قوى الشر والتخلف فجندت عملائها بمختلف الوسائل في محاولة لعرقلة مسيرته من خلال التآمر عليه سرا بطرق متعددة، والعدوان المباشر على ثورته في العراق ، ومحاولة ضربه في أكثر من قطر. وبالرغم من كل تلك المخططات وكثافة المؤامرات عليه فإنه لن يصح إلاً الصحيح فمحاولات التآمر ومخططات الاجتثاث المكثفة من قبل التحالف الثلاثي الصهيوامريكي فارسي ، ليست إلا محاولات فاشلة ولم تزد البعث و البعثيين إلا قوة وصلابة وإقداما على طريق المبادئ البعثية، وما المقاومة العراقية المباركة في ارض الرافدين إلا عنوانا بارزا لهذا الموقف المبدئي الشامخ أمام كافة التحديات المحيطة وشبكات التآمر الخبيث والوقح ضد البعث ليس في ساحة العراق العظيم فحسب بل في معظم ساحات الأمة العربية من محيطها إلى خليجها ....نعم بالرغم من كل تلك المؤامرات والمخططات الحاقدة، ظل البعث وسيظل حزبا مبدئيا صامدا وشامخا في مواصلة نضاله لتحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية ،مجددا تأكيده ، انه حزب الثورة العربية "جاء ليعمل لمئات السنين "وليس حزبا قطريا ،أو حركة قطرية ، تتجاذبها الأهواء والمصالح الآنية وتحيط بها قوى الماضي المتخلف والحاضر المرتهن والفاسد لدى أعداء الأمة في حاضرها ومستقبلها... انه حزب الجماهير الكادحة وقوى الثورة الحقيقية ، يمثل روح الأمة وطموحها متجاوزا العاجزين والمتطفلين والديماغوجيين مستمدا حيويته من طموحات الجماهير الواعية والمنظمة المؤمنة بحكم التاريخ الذي يصدر حكمه العادل والصارم على العملاء والمتآمرين على الأمة و ليدين الذين أجرموا في حقها ويحجم دور المنافقين عند حدودهم ... تاريخ لا يرحم بل يضع كل هؤلاء خارج تاريخ ومسيرة الأمة النضالية ، وبدون شك سوف يرسم ويحدد حكمه على مثل هؤلاء وأولئك من الأدعياء والمنافقين منطلقا من قوله تعالى:((اولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ))
أل عمرن (الاية86) .
وسوف نتواصل مع مسيرة حزبنا الفكرية والتنظيمية والنضالية في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى ولن يعيقنا عواء الذئاب أو طنين الذباب أو أصوات شياطين الخرائب وفحيح الأفاعي من العملاء والمأجورين المكلفين باختراق الحركات الثورية المنظمة والانتشار المبرمج في مختلف الأوساط لبث السموم والتقاط ما يمكن التقاطه كأبالسة في خدمة أعداء الأمة والتقدم والنهضة ،مسقطين من حسابهم أن المدعين بما ادعوا لم ولن يكونوا إلا مندسين مهما تستروا ، فأنهم سيكشفون طال الزمن أو قصر ،فحبل التآمر قصير، وحبل الكذب أيضا قصير، وينطبق عليهم القول المأثور: "ما من خفية تخفى على الناس تعلم" والمثل اليمني القائل " السارق على رأسه قشاشه " وهؤلاء كشفوا من وقت مبكر وقُذف بهم خارج الحزب ولم يعد لهم بالحزب أية علاقة كما أن بعض المدعين لم تكن لهم علاقة بالبعث وأهدافه أصلا بل غطوا دورهم التآمري والتخريبي والاندساسي بكذبة الانتماء " والوصول إلى القمة ومقابلة قياديين في الموقع الأول في سوريا كما زعموا " ، وهم بهذه الادعاءات المزيفه إنما يكشفون عن نفسيتهم التي لم تقبل بها طبيعة البعث الخيرة والنقية فالبعث مدرسة يبدع فيها العمالقة ويفضح فيها الأدعياء ، فيطرد من بين صفوفه كل من يفشل في استيعاب مبادئه وأهدافه ومتطلبات النضال المبدئي في المنظور ألبعثي وأمام الضوابط التنظيمية والأخلاقية الصارمة ،وهنا ينزوي العاجزون و، وقد يرتمي البعض من ضعفاء النفوس في أحضان أعداء هذه المدرسة التي لا تقبل تحت سقفها إلا النفوس الثابتة والمؤمنة وهكذا تتضح المفارقات بين حملة المبادئ وحملة معاول الهدم ، لتتكشف حالة السقوط التي أحاطت بالكثيرين من المتطفلين والمندسين الذين اقتربوا من البعث وهم يحملون في أعماقهم نوايا الشر والتآمر على الحزب وقيمة وأخلاقه وأهدافه وضوابطه التنظيمية وفكره وأسس نظريته التي لم تمكنهم من تمرير مخططاتهم الشيطانية داخل صفوفها ، ولم تتح لهم فرصة استمرارا لتستر تحت مظلتها الطاهرة . .. نعم لم تمكنهم من تنفيذ الأهداف التي كلفوا بها ، فكانت حالة السقوط التي أحاطت بهم وبالكثيرين من المتطفلين والمندسين والمتناغمين معهم ، والذين اقتربوا من البعث بهدف التآمر علية والتخريب من الداخل وليس حبا بالنضال وإيمانا بالمبادئ وأهداف الأمة في الوحدة والحرية والاشتراكية.

الإحياء نت